146 مشاهدات
في تصنيف تعليمية بواسطة (1.8مليون نقاط)
اثر التوسع الزراعي والرعوي الجائر في الموارد الطبيعية

تزداد الحاجة إلى المنتجات الزراعية بازدياد أعداد السكان ، ولتوفير هذه المنتجات يضطر الإنسان إلى التوسع في الزراعة وإنهاك الأرض بالزراعة المستمرة حتى يستطيع سد الفجوة الغذائية المتوقعة حاليا أو المحتملة مستقبلا دون تخطيط مسبق وهذا يؤدي إلى انحسار الغطاء النباتي الطبيعي مما يكون له أثاراً سالبة على البيئة.

بما أن تدهور الموارد الطبيعية المتجددة يأتي على رأس قائمة المشكلات التي تهدد مستقبل الإنتاج الزراعي والحيواني في السودان فإن هذه الوحدة الدراسية تستعرض كل مورد على حدة ، لتعرف ما يواجهنا من مشاكل في تلك الموارد وكيفية التعامل معها بغرض المحافظة عليها لفائدة الأجيال الحالية وأجيال المستقبل من أجل حياة واعدة يعمها الخير والرخاء. والموارد الطبيعية المتجددة تشمل مصادر المياه ، التربة ، والزراعة ، والغابات، والمراعي الطبيعية المتجددة، والحيوانات الوحشية والأليفة والثروة السمكية ، وهي التي تتجدد طبيعياً إذا توافرت لها الظروف البيئية الملائمة . بعد ذلك نتعرض للجفاف والتصحر الناتج عن سوء استغلال هذه الموارد الطبيعية والطرق والوسائل المناسبة لمعالجتها . ثم تتعرض إلى الحيوانات البرية في السودان وكيفية المحافظة عليها.

الموارد المائية :

تشكل الأمطار المصدر الرئيس للمياه لكل سكان السودان خارج الشريط النيلي تمثل كمية الأمطار بالإضافة إلى منسوب النيل وروافده المصدر الرئيس في تشكيل النسيج البيئي وتوازن النظام البيئي في السودان ، وبما أن الحزام الصحراوي وشبه الجاف يغطيان معظم مساحة السودان ، ولارتفاع درجة الحرارة فإن أكثر من ( ٨٥٪) من مياه الأمطار تتبخر قبل الاستفادة منها ، ويشكل الباقي المياه السطحية الموسمية ورطوبة التربة ، وجزء ضئيل منها يغذي المياه الجوفية.

إن كمية الأمطار هي التي تشكل تركيبة الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمجموعات السكانية في معظم انحاء البلاد، حيث المراعي الطبيعية وتربية الحيوانات في الأطراف الصحراوية حتى الحزام الجاف، وإنتاج المحاصيل المطرية في حزام السافنا شبه الجاف والزراعة الغابية في الحزام الاستوائي.

إن أكثر ما يهدد هذا المورد الحيوي هو الجفاف العام الذي عم معظم هذه المناطق ، وللنشاط البشري دور كبير في زيادة حدة الجفاف وتعميق آثاره ، إذ أن التعامل العشوائي مع الموارد الطبيعية المتمثل في القطع الجائر للغابات، والرعي الجائر، بالإضافة إلى التوسع الزراعي الجائر ، هو الأساس في انحسار الغطاء النباتي الطبيعي الذي يمتص الأمطار وبعيدها مرة أخرى إلى الغلاف الجوي ، مع خفض درجة الحرارة وكسر حدة الرياح الجافة ، مما يساعد على هطول الأمطار واستمرار دورة المياه . لذا فإن ترشيد استغلال مياه الامطار ، والاستفادة القصوى منها أصبحت ضرورة لإعادة تعمير البيئة خاصة في الحزام الجاف وشبه الجاف لتفادي مشاكل انهيار قطاع الإنتاج الزراعي والحيواني التقليدي، والفشل المتكرر محاصيل الزراعة المطرية ، وحدوث المجاعات التي تؤدي إلى الهجرة الجماعية لسكان الريف إلى المدن.

أما نهر النيل فيشكل مصدراً أساسياً للمياه المستخدمة في الزراعة المروية وكل النشاطات الزراعية على ضفتيه، وأهم مصادر مياه نهر النيل هي الأمطار الموسمية في الهضبة الأثيوبية، لذلك نجد أن إيراد النيل الأزرق موسمي ومصحوب بمشكلة الأطماء التي تدل على انحسار الغطاء الشجري في أعالي الهضبة الاثيوبية، مما يسبب تعرية التربة ، أما النيل الأبيض فينتشر في منطقة المستنقعات حيث تعيش مجموعات سكانية تكيفت على الرعي وصيد الأسماك. ونهر النيل بالرغم من دوره في اقتصاد السودان. وارتباطه بحياة السكان ، فإنه مهدد بعدة مشاكل نذكر منها :

1- أعشاب النيل التي تزيد من كمية المياه المفقودة بالتبخر . الاستخدام المكثف للمبيدات الكيميائية في مشاريع الزراعة المروية يؤدي لتلوث مياه النيل.

2- تغيير مجرى النيل ، والنقص المستمر في سعته نتيجة لتراكم العلمي بسبب انحسار الغطاء النباتي في أعالي النهر ، ونتيجة للزحف الصحراوي ودخول الكثبان الرملية إلى المجرى ، مما أدى إلى كثرة الجزر الرملية وزيادة مشكلة الهدام ، لذلك تجد أن إعادة تعمير الغطاء النباتي في أعالي النهر وعلى ضفافه ، وعدم قطع الغابات النيلية يشكل الحماية الوحيدة المتاحة لسريان الحياة في بلادنا.

أما المياه الجوفية فتعتبر مصدراً لمياه الشرب في الحزام الجاف وشبه الجاف ، لكنها محدودة التغذية ، وليس لها استخدام بذكر في الزراعة ، كما أن محدودية مصادر المياه الجوفية والسطحية الموسمية تؤدي إلى الازدحام حولها من قبل الرعاة وحيواناتهم ، مما يؤدي إلى إنهاك التربة ، والرعي الجائر ، وقطع الأشجار، والنتيجة الحتمية هي التصحر الأكيد حول نقاط المياه.

الغابات :

يعتمد معظم سكان السودان على الغابات اعتماداً أساسياً ومباشراً في حياتهم اليومية ، إذ أن الغابات تعتبر مورداً طبيعياً متجددا يوفر أكثر من (۸۲) من الطاقة المستهلكة في السودان ( مع ملاحظة الاكتشافات البترولية مؤخراً والتي سوف تقلل من هذه النسبة ) ، وتنتج الغابات حوالي ( ٣,٦ مليون ) متر مكعب من الأخشاب و ( ٥ مليون ) طن من الأعلاف و ( ۳۰۰ ألف طن ) من الثمار و ( ۷۰ ألف طن من الصمغ العربي و ( ٣٥ ألف طن ) مواد دابغة وأصباغ. إن الصمغ العربي هو ثالث محصول نقدي في السودان تنتجه شجرة ( الهشاب ) دون أي مدخلات إنتاج ، بالإضافة إلى أن شجرة الهشاب تقوم بتسميد التربة وذلك لقدرتها على تثبيت النتروجين الجوي. كما أن الغابات توفر البيئة المناسبة لكثير من الحيوانات البرية. بالإضافة إلى أنها تعتبر أماكن للترفيه والترويح.

لكل ما سبق نستطيع القول أن الغابات تمثل ثروة قومية يجب المحافظة عليها. تعرضت الغابات في السودان إلى الانحسار بمعدل مرتفع في العقدين السابقين وذلك العدة عوامل :

1- التوسع في مشاريع الزراعة الآلية على حساب المساحة الغابية وقطع الأشجار دون أي اعتبار لأهميتها في حفظ التوازن البيئي.

2- الحرائق وتجارة الحطب والفحم.

3- الرعي الجائر.

ومما يدعو للاطمئنان أن هناك مشاريع كثيرة تعمل على إعادة تعمير الغابات بدعم من منظمات عالمية ، أشهرها مشروع إعادة تعمير حزام الصمغ العربي ، وتلك المشاريع تحتاج إلى دعم من الدولة لتصبح أكثر كفاءة ، كما تحتاج إلى دعم البحوث في مجال تكثيف وتنويع الغطاء الشجري، خاصة الاشجار سريعة النمو ذات العائد الاقتصادي المجزي ، كذلك الاهتمام بحماية المشاريع الزراعية ، وذلك بزراعة الأحزمة الشجرية وإيجاد مصادر بديلة للطاقة ، وأن يكون ذلك مصحوباً بإرشاد غابي مكثف يهدف إلى توعية المواطنين بأهمية الغابات.

المراعي :

تقدر مساحة المراعي في السودان بحوالي ( ۲۷۹ ) مليون فدان ، تنتج حوالي (۷۷) مليون طن من العلف تكفي لتغذية حوالي ( ۲۲ ) مليون وحدة حيوانية، ومع أن الزيادة المستمرة في أعداد الحيوانات والتي تفوق طاقة المرعى تؤدي إلى الرعي الجائر ، إلا أن التوسع في الزراعة الآلية وزراعة الأراضي الهامشية والحرائق الموسمية كان لها الدور الأساسي في تدهور المراعي الطبيعية في السودان. إن استقطاع أي مساحة إضافية من أراضي المراعي للتوسع في الزراعة الآلية سيؤدي حتماً إلى المزيد من التدهور والمزيد من الجفاف والتصحر ، ويكمن حل مشكلات المراعي في توفير الظروف الملائمة والاحتياجات اللازمة الحماية وزيادة الطبيعية وتحسين أنواع النباتات لتصبح أكثر إنتاجية ومقاومة للجفاف والأمراض ، كما يجب إدراك أهم مقومات الإنتاج والمتمثل في الإنسان نفسه، وبالتالي يكون الاهتمام بالرعاة وتحسين مستوى معيشتهم من أهم الواجبات الأساسية للدولة في هذا المجال كما أن تخفيض أعداد الحيوانات يعتبر من أهم العوامل التي تخفف الضغط على المرعى وتحد من الرعي الجائر. تلخص إستراتيجية إدارة المراعي وإعادة تعميرها في الآتي :

1- وقف التوسع الزراعي في المناطق الهامشية.

2- إعادة تعمير المراعي المتدهورة بالحجز والاستزراع.

3- تطوير الموارد الرعوية باستزراع النباتات ذات القيمة الغذائية العالية ، والتي تستطيع أن تتكيف مع الظروف السائدة.

4- الحد من انتشار الحرائق.

5- إعادة تعمير المراعي المتدهورة حول موارد المياه، وتطوير نظام المرعى البور مع فتح مناطق رعي جديدة بتوفير المياه إدخال زراعة الأعلاف في المشاريع الزراعية المختلفة.

6- زيادة حجم المسحوب السنوي من الماشية والضأن لحفظ التوازن بين أعداد الحيوانات وحمولة المرعى.

الزراعة :

تمثل الزراعة القطاع الإنتاجي الأول في السودان ، ولكنها في نفس الوقت تعتبر من العوامل الرئيسة للتدهور البيئي في البلاد ، إذ أن أي أرض تستقطع الزراعة المحاصيل تكون على حساب البيئة الطبيعية أو الغابات أو المراعي ، وبالتالي تعتبر عاملاً من عوامل التدهور البيئي حتى لو كانت جيدة التخطيط ، فكيف يكون الحال عندما تكون الزراعة عشوائية ودون اعتبار المقومات التوازن البيئي الذي يشكل ركيزة استمرارية الإنتاج الزراعي نفسه.

هناك اربع مشاكل تواجه الزراعة في السودان تتمثل في :

أ- التوسع الجائر في الزراعة :

يعني التوسع الزراعي فوق طاقة النظام البيئي ومقومات الإنتاج ، فالزراعة في المناطق الهامشية تعتبر زراعة جائرة ، بالإضافة إلى الزراعة الآلية خارج التخطيط والتي تشكل حوالي ( ٦٠٪ ) من المساحة المطرية المزروعة آليا.

القضية الأساسية تتمثل في المحافظة على الحد الأدنى من البيئات الطبيعية المراعي والغابات) وذلك للمحافظة على منسوب الأمطار، وتنظيم درجة الحرارة وكسر حدة الرياح التي تتسبب في تعرية التربة ، هذا بالإضافة إلى التنوع الأحيائي ، وجميعها تعتبر عوامل أساسية للمحافظة على التوازن البيئي.

لقد كانت الزراعة التقليدية في الماضي متوافقة مع البيئة ومقوماتها ، وذلك باتباع نظام الدورة الزراعية والمحافظة على الغطاء الشجري للرعي والاحتطاب ، إلا أن الزراعة الآلية استقطعت الكثير من أراضي هذا النظام مما دفع المزارعين التقليديين لإنهاك التربة واللجوء إلى الأراضي الهامشية وقطع الأشجار بحثا عن الدخل الإضافي فأدى إلى تصحر معظم أراضي الزراعة التقليدية ، ومما يزيد الأمر سوءا أن المزارع التقليدي يعيش على الكفاف ، ويستخدم تقنيات تقليدية في الإنتاج والحصاد والتخزين ، مما يؤدي إلى إهدار الكثير من الجهد.

2 إجابة

0 تصويتات
بواسطة (1.8مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
شرح عن موضوع  اثر التوسع الزراعي والرعوي الجائر في الموارد الطبيعي؟
0 تصويتات
بواسطة (1.8مليون نقاط)
ب- انعدام الأحزمة الشجرية :

أن معظم أراضي الزراعة في السودان تقع في الحزام الجاف وشبه الجاف ، حيث يشكل الغطاء الشجري الركيزة الأساسية للمحافظة على التوازن البيئي الضروري الاستمرار إنتاجية الأرض ، وذلك بصد الرياح وتخصيب التربة وتنظيم منسوب الأمطار، بالإضافة إلى أن الأشجار توفر الوقود والثمار وعلف الحيوانات إن التربة التي تتكون من تفتيت الصخور تتعرض للانجراف بواسطة الأمطار في فترة وجيزة ، كما أن الرياح تحمل كميات كبيرة من التربة في غياب الأحزمة الشجرية ومعظم المشاريع الزراعية ( المطرية والمروية ) تخلو من الأحزمة الشجرية ، بالإضافة إلى ذلك فإن الزحف الرملي يهدد مساحات شاسعة من الزراعة بكل ولايات السودان ، خاصة الشمالية وكردفان ودارفور والنيل الأبيض ، بل أن الزحف الرملي يهدد النيل نفسه ، يتمثل الحل المشكلة الزحف الرملي في زراعة النباتات التي تقوم بتثبيت الكثبان الرملية ، زراعة الأحزمة الشجرية.

ج- سوء استخدام المركبات الكيميائية في الزراعة :

تشمل السماد والمبيدات وغيرها ، وأكثرها خطورة المبيدات خاصة التي بها مواد مسرطنة، أما الآثار السالبة في السماد الصناعي فتتمثل في أنه يؤثر في تكاثر بعض الكائنات الحية.

هناك اعتقاد خاطئ في وسط الكثير من المزارعين يتمثل في أن كل زيادة في كمية السماد تعني زيادة في الإنتاج ، و يعزي ذلك إلى ضعف الإرشاد الزراعي.

إن الحل لمشكلة استخدام المواد الكيميائية يبدأ بتشجيع الدراسات والبحوث التي تحدد النوعية والكمية المناسبة من كل مادة كيميائية ، مع وضع تكلفه المادة والتوازن البيئي في الاعتبار.

د- إهدار الموارد المائية :

يتم استخدام مياه الامطار بكفاءة متدنية وبالاعتماد على الطرق التقليدية ، كما أن هناك إهداراً للماء في المشاريع المروية خاصة مشروع الجزيرة ، حيث تسد الحشائش قنوات الري الرئيسة وبالتالي يضطر المزارع أحيانا لشق جداول صغيرة من القنوات الرئيسة مباشرة ، لتفادي عطش المحصول مما يؤدي إلى تكوين برك من المياه الراكدة والتي تؤدي بدورها إلى توالد البعوض.

التصحر :

يعتبر التصحر قضية البيئة الأولى في السودان ؛ لأنه يؤثر على أكثر من نصف مساحة السودان ، وعلى كل البلاد بسبب النزوح. ويمكن تعريف التصحر على أنه تدهور في إنتاجية الموارد المتجددة للأرض أو الماء يؤدي إلى نقصان طويل المدى أو مستديم في حمولة النظام البيئي ، أما الزحف الصحراوي فهو مرحلة متأخرة من التصحر تتحول فيها البيئة المتاخمة للصحراء إلى بيئة صحراوية ، وبهذا التعريف يمكن للتصحر أن يحدث في أي بيئة تتعرض لسوء الاستغلال حتى لو كانت غابة استوائية أوبحيرة. إذن التصحر يشمل كل الموارد الطبيعية التي تعرضنا لها سابقاً.

أسباب التصحر :

عادة ما يبدأ التصحر بزيادة احتياجات المجموعة السكانية ( الضغط السكاني ) في غياب الخطط العلمية لاستغلال الموارد الطبيعية ، خاصة في وجود الظروف الطبيعية المساعدة من جفاف وبيئة هشة ، ومن المؤكد أن الظروف المناخية لها دور اساسي في التصحر الذي أصاب منطقة وسط وشرق أفريقيا خلال العقدين السابقين ، إلا أن النشاط البشري هو العامل المشترك بين كل أسباب التصحر، والمتمثل هنا في غياب أي خطة قومية أو إقليمية لاستغلال الموارد الطبيعية ، مما أدى إلى الاستغلال العشوائي وتضارب الخطط ، وكانت النتيجة الحتمية هي تبديد الموارد الطبيعية وتدهور انتاجيتها. وعليه فإن أسباب التصحر يمكن إجمالها في الآتي :

1- انحسار الغطاء الشجري :

يتم قطع الأشجار لأسباب عديدة مثل. إنتاج الفحم وحطب الوقود ، إنتاج الاخشاب ومواد البناء وزيادة الرقعة الزراعية. والتوسع الزراعي الجائر يشمل الزراعة في المناطق الهامشية المعرضة للجفاف والتعرية ، والتوسع في الزراعة الآلية المطرية دون اعتبار لصور الإنتاج التقليدي من رعي ، وزراعة تقليدية ، وثروة برية ، ودون اتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية التربة ، وذلك ما حدث عندما تم توزيع ملايين الأفدنة المشاريع الزراعة الآلية ، كما أن المساحات المزروعة خارج التخطيط أصبحت أمراً واقعا لا مفر منه. كل تلك الممارسات أدت في النهاية إلى ضعف حماية التربة ، مما نتج عنه تدهور مستمر في إنتاجية الأرض نتيجة لتعرية التربة ، وإهدار طاقة المحصول في مقاومة الظروف المناخية السيئة من جفاف ودرجة حرارة عالية ورطوبة منخفضة ، بالإضافة إلى الأمراض والآفات التي تنتشر دون حواجز طبيعية.

2- سوء إدارة المراعي :

إن سوء إدارة المراعي واستقطاع أراضيها للزراعة من العوامل التي تؤدي إلى جعل زيادة أعداد الحيوانات فوق طاقة المراعي ، مما يؤدي إلى الرعي الجائر ، كما أن انتشار الحرائق دون خطوط نار تحكمها يؤدي إلى تدمير الغطاء الشجري ، وكلاهما يؤدي إلى تفكك التربة وتعريتها ، وتكون النتيجة الحتمية هي التصحر.

3- انعدام الأحزمة الشجرية :

إن أكثر من نصف مساحة السودان تقع في منطقة صحراوية أو شبه صحراوية معرضة للرمال والأتربة المتحركة ، وبانعدام الأحزمة الشجرية تتعرض المناطق الزراعية إلى

غزو الرمال والأتربة المستمر ، مما يحولها إلى مناطق غير صالحة للزراعة وبالتالي يؤدي إلى تصحرها.

هذه الرمال والأتربة المتحركة لا تهدد المناطق الزراعية فحسب ، بل تهدد الموارد المائية الأساسية مثل نهر النيل وفروعه ، وتعتبر هذه المشكلة من أخطر مشكلات السودان البيئية ، لأنها تهدد الولاية الشمالية وأكثر من ثلثي ولایات کردفان و دارفور والخرطوم.

4- الزراعة الجائرة :

وتشمل الزراعة في المناطق الهامشية والري الذي يؤدي إلى ملوحة التربة، كما تشمل انهاك التربة وسوء استخدام الكيميائيات الزراعية ، وبهذا التعريف نجد أن الزراعة الجائرة منتشرة في كل أنحاء البلاد، خاصة حول المدن والمناطق التي تستخدم المياه الجوفية في الري.

التوسع الأفقي في الزراعة على حساب الغابات والمراعي يعتبر زراعة جائرة ، إذ لا يراعى فيه المحافظة على قاعدة الموارد الطبيعية من التربة ومنسوب الأمطار والطقس المحلي.

إن المفهوم الاقتصادي السائد بأن زراعة المحاصيل الغذائية والنقدية في مساحات شاسعة هي الطريقة المثلى لاستغلال الأرض يتنافى مع طبيعة التباين البيئي ، فمثلاً حزام الصمغ العربي في السودان يدر على البلاد وعلى مواطني المنطقة العائد الاقتصادي الأكبر مما لو زرع أي محصول اقتصادي آخر. والصمغ العربي هو ثالث محصول نقدي في السودان ، ولا يحتاج إلى أي مدخلات تذكر ، بالإضافة إلى أن أشجار الهشاب توفر العلف والبيئة الملائمة للرعي. و هذا النمط من استغلال الأرض يحقق التنمية المستدامة ، إذ أن غطاء الأرض يكون مستمراً ومستقراً ولا مجال فيه للتصحر وتدهور إنتاجية الأرض، وهناك مساحات كبيرة من البيئات الهامشية التي لا تصلح لإنتاج المحاصيل الزراعية إلا لفترة قصيرة تصبح بعدها الأرض صحراوية ربما إلى الأبد.

آثار التصحر :

أولا : الآثار على البيئة الطبيعية :

يؤدي التصحر إلى انحسار الغطاء النباتي وتفكك التربة التي تتعرض لاشعة الشمس المباشرة فترتفع درجة حرارتها وتجف ، فتصبح فريسة سهلة لعوامل التعرية عند ازدياد سرعة الرياح وارتفاع درجة الحرارة وانخفاض درجة الرطوبة ، كما تتعرض التربة ومخزونها من بذور النباتات إلى الجرف والردم بواسطة الرمال والأتربة المتحركة ، كل ذلك يؤدي إلى تدهور إنتاجية المحاصيل والمراعي ، وقد ينخفض معدل الإنتاج الحيواني إلى درجة الانعدام في بعض مناطق الإنتاج التقليدية.

ثانياً : الآثار الاقتصادية والاجتماعية :

نتيجة لتدهور إنتاجية المحاصيل والمراعي والغابات عانت مجموعة كبيرة من الرعاة والمزارعيين التقليديين من الجفاف والتصحر ، خاصة في ولايات شمال كردفان ودارفور.

أفرز ذلك آثاراً اجتماعية بعيدة المدى على نطاق القطر كله ، إضافة إلى الأثر المباشر لتدهور إنتاجية الأرض، خاصة الزراعة والثروة الحيوانية واثر ذلك على اقتصاد البلاد وانحسار إيرادات الدولة من العملات الحرة ، مما أدى إلى عرقلة مسيرة التنمية . أخطر ما في مشكلة التصحر هو دورانها في حلقة مفرغة ، فكلما تصحرت البيئة أصبحت الموارد المتاحة للإنسان أقل مع الزيادة في الكثافة السكانية ، وبالتالي يزداد ضغط الإنسان على ما تبقى من موارد مسبباً المزيد من التصحر وهكذا تدور الحلقة ما لم يتم كسرها... والحل لهذه المشكلة يتطلب وضع الخطط الشاملة لإعادة تعمير البيئة ومكافحة التصحر وإعادة تعمير المراعي الطبيعية وإقامة الأحزمة الشجرية في كل مشاريع الزراعة المطرية والمروية ، وأن يتم التنسيق الكامل مع كل الجهات ذات الصلة ، وأن يصحب ذلك برنامج إعلامي مكشف لنشر الوعي البيئي.

الحيوانات البرية :

إن التنوع البيئي في السودان الممتد من الصحراء إلى الغابة بالإضافة إلى بيئات الجبال والبحر الأحمر قد أفرز تنوعاً فريداً في الحيوانات البرية ، إلا أنها انحسرت كثيراً نتيجة لسوء الاستغلال ، الأمر الذي أدى لزيادة قائمة الحيوانات المهددة بالانقراض في السودان ، كما فقدت بعض المناطق المحجوزة كل أو معظم حيواناتها.

مهددات الثروة البرية :

• التوسع الأفقي المستمر في الزراعة المطرية الآلية على حساب الغابات والمراعي أدى إلى انحسار البيئات الطبيعية المناسبة لتلك الحيوانات.

• قطع الأشجار لإنتاج الفحم والحطب والاخشاب هو أحد الأسباب المهمة التي أدت إلى انحسار الغطاء الشجري وتدمير البيئات الطبيعية ، بالإضافة إلى الحرائق الموسمية والرعي الجائر . الصيد الجائر والتجارة في أجزاء الحيوانات البرية، مثل سن الفيل ، وجلود التمور بالإضافة إلى اللحوم والشحوم وريش وبيض النعام ، كل ذلك إدى إلى النقص المستمر في أعداد الحيوانات. إن الوضع المتردي للثروة البرية في بلادنا يدعو لإعادة النظر في فلسفة الحماية ، مع وضع خطة متكاملة لاستغلال هذا المورد الطبيعي الهام ، كما يجب أن يتم تكثيف التوعية والتثقيف البيئي للمحافظة على الثروة البرية وتنميتها.

حماية القاعدة البيئية للموارد الطبيعية :

هناك أربع حقائق يجب وضعها في الاعتبار عند التخطيط لأي مشروع تنموي وهي :

أولا : إن السودان يعتمد في اقتصاده على إنتاجية الموارد الطبيعية المتجددة ( الغابات والمراعي والتربة والثروات البرية والسمكية والموارد المائية ) ، والتي تعتمد على استقرار الظروف البيئية الملائمة ( التوازن البيئي ).

ثانياً : إن الغابات تشكل القاعدة البيئية الضرورية لكل هذه الموارد ، إذ أنها تحافظ على استقرار منسوب الأمطار بما تلعبه في الدورة المائية ، وتقوم بتثبيت التربة وتخصيبها وصد الرياح وتلطيف درجة الحرارة وتوفير الرطوبة للمحاصيل الزراعية ، كما تقوم بتوفير العلف والبيئات الملائمة للثروة الحيوانية والبرية ، بالإضافة إلى منتجات الغابات نفسها من وقود وأخشاب وثمار وغيرها.

ثالثا : إن معظم مساحة السودان تقع في الحزام الجاف وشبه الجاف من الساحل الأفريقي ، مما يعرضها لموجات الجفاف المتكررة وبالتالي يجعلها فريسة سهلة للتصحر وتدهور التربة ، وهذا يعني أن هناك مساحات شاسعة من الأراضي الهامشية التي لا تصلح للزراعة ولا تعطي إنتاجية مستمرة إلا إذا كانت بها غابات ومراعي طبيعية تحمي التربة من التعرية والزحف الصحراوي. حتى المناطق التي تتميز بخصوبة التربة وتوافر المياه لا تستطيع الاستمرار في العطاء ما لم يكن هناك توازن بين مساحات الغابات والمراعي والزراعة ، بما في ذلك المشاريع المروية.

رابعا : إن التكلفة البيئية والاقتصادية المباشرة للاستثمار في زراعة المحاصيل الغذائية والنقدية عالية ، وبالتالي يجب أن يكون التركيز على التوسع الرأسي، والا تزرع مساحة لا نستطيع حصادها أو ترحيل محصولها ، إذ أن الخسارة هنا مركبة ( تكلفة المدخلات زائداً التدهور البيئي نتيجة لانحسار الغطاء النباتي وتعرية التربة والتلوث بالكيميائيات الزراعية).

اسئلة متعلقة

مرحبًا بك إلى منصة انهض، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...