138 مشاهدات
في تصنيف منوعات بواسطة (1.8مليون نقاط)
البناء التقليدي للقصيدة

نستعرض هذا النموذج معاً، ونتبين الأغراض التي طرقها طرفة في معلقته ، والتي في المعلقة ، وهذه الأغراض هي :

1- الاستهلال بالوقوف على ديار الأحبة والتي لم يبد منها إلا الأطلال التي تظهر للرام كالوشم المتبقي على ظهريد برز عروقها وهو في موقف الحزن والأسى يسمع من أصحابه النهي ان الأسى والعزم على التجلد. ونلحظ هنا أن هذا الاستهلال أو هذا الغرض قاسم مشترك بين جميع شعراء الجاهلية بل استمر إلى عهد قريب ، وإن اختلف موضوع الاستهلاك في القصائد المطولة متعددة الأغراض.

2- وصف ظعائن محبوبته من بني مالك غداة فراقها ، فهو يشبه ظعائن محبوبته بالسفينة العظيمة التي تشق حباب الماء المزيد ، وقد يكون وصف المراكب على الحقيقة إذ أن مقامه كان في البحرين وقد يكون على التخيل أثناء لهوه.

3- وصف لناقته ، وأطنب في وصفها مع الجودة والروعة . يقول الدكتور عمر فروخ ما ملخصه : بأن وصف طرفة للناقة أو في ما وصل إلينا من الجاهلية في بابه . ونحن هنا لم نذكر من هذا الوصف إلا لمحة لبيان الغرض.

وفي مستهل هذا الوصف يتحدث الشاعر أنه إذا ألم به هم ارتحل ناقته العوجاء وهي الضامرة لبطن التى لا تستقيم في سيرها على حالة ، وذلك لفرط نشاطها وخفتها. (مرقال) وهى التى يكون مسيرها بين السير والسرعة أو السير والعدو، وهي مأمونة العشار فى سيرها ، عظامها شبيهة بالواح التابوت العظيم ، وإذا ضربتها سارت على طريق واضح شبيه بكساء مخطط.

4- الحديث عن فخره وشرفه وفتونه ولهوه ويجونه وإقباله على المتع من خمر وحب ، مع حرص على الشيم العربية العالية من نجدة وسخاء واقتحام لأسباب الموت ، والإسراع إلى النجدة من أجل ذلك ، فهو لا يحل بالمرتفعات بعيداً عن الضيفان وطالبي النجدة والكرم ، بل يحل بالمنخفضات حيث الظهور وعدم الخفاء.

وهو أيضاً في متناول طالبه إن طلبته في حلقة القوم (أصحاب الحل والعقد) وجدته في الصدارة ، وإن طلبته في حانوت الخمار وجدته يسقيك و يرويك. فصفة الكرم ملازمة له. و يفخر بأنه من البيت الرفيع المصمد : الذي يقصده الناس لشرفه وقضاء حوائجهم حين نزول النوائب ، فإذا ما تفاخر القوم بالأنساب فهو من علية القوم وذروتها ومن أرفع البيوتات شرفاً.

غير أن مجونه وإدمانه الخمر وإتلاف ماله الطريف والتليد أدى إلى هجر أهله وعشيرته له وأصبح فريداً وحيداً مثله الجمل الأجرب الذي أفرد عن بقية الجمال خوف العدوى من الجرب. هذا وإذا نتبعت المعلقة إلى آخرها ، فسوف تجد أخرى مثل لومه الأغنياء الذين لا يتمتعون في حياتهم بأموالهم ، إذ إن طرفة يرى أن الحياة فرصة سانحة يجدر بالانسان أن ينتهزها . ولعل الغرض الرئيسي في المعلقة هو وصف ناقته ودعوته إلى الحياة بجميع أشكالها وأنواعها.

وهناك حكم ساقها في آخر القصيدة مستمدة من حياته ومن معاملة عشيرته وأهله له ، وأكثر حكمه في الحياة والموت.

وفي الأخير يدعو بنت أخيه - أم معبد - أن تبكيه بعد موته وتنوه بعظمة المصاب. إن الشاعر طرفة يبدو في معلقته المطولة وكأنما تعدد أغراضه يفصل بينها وبالتالي لا يتشكل أمر مركز في جهة واحدة ، ونتساءل هل من رابط يجمع بين الوقوف على الأطلال ووصف الرحلة ثم الحديث المسهب عن الناقة. وبعد ذلك عرض صورة الفتى الذي ينتدب لمهمات القوم و يبدي في مواقف أخرى الكرم.

يقول أحد النقاد العرب ( د. غنيمي (هلال) : وفي الحق كان في دواعي الحياة الجاهلية ما يبرر نفسياً - على سبيل التداعي المحض لا عضوياً - وجود نوع من الصلة بين هذه الأجزاء في بناء القصيدة القديم» وتستطيع التأمل في هذا القول لأنه دليل يمكن تعميقه في رؤية العمل الأدبي القديم.

فالشاعر وجد قالباً للقصيدة الطويلة فيه تعدد الوقفات ، فأفاد منه وهو لي اعماق شعوره يصل بين تلك الأغراض ، وطرفة يحاول - وهو الفتى - أن يقدم تصوره للإنسان الذي يبذل ما عنده ويسهم في حياة الآخرين ، من غير أن يسيطر عليه البخل - وهو الذي عانى منه - وكأنما يريد القول عندما يقف طويلاً عند الناقة ووصفها : إنها ثروة حقيقية إذ تمتد السبل معها في الرحلة والسعي للكسب ، فهي أغلى من المال لأنها مفتاح له ، وكذلك عندما يتحدث عن الحمول والظعائن يربطها بالسفن التي عرفها الخليج العربي منذ القديم في حركتها وراء الرزق رغم ( أحوال البحر ومخاطرة ).

إننا إذن نجد نوعاً مما سماه الناقد العربي المعاصر بالتداعي وهو صلة نفسية ، وفي الوقت نفسه تقرب بين موضوعات الأغراض ضمن قصيدة مطولة ، ولا شك أن مقارنة تقوم بين عمل طرفة الشعرى وما كان لدى النابغة في ( معلقته ) الدالية ستكشف عن ترابط وثيق بين أغراض التابعة وصوره بأكثر مما رأيناه عند طرفة موسيقى الكلمات في القصيدة العربية الجاهلية وما تلاها من الشعر العربي : للكلمات خصائص صوتية لها قدرة على حكاية المعنى وتصويره ، وهي ترجع إلى طبيعة حروف الكلمات ومخارجها في النطق من جهر وهمس وشدة ولين.

وإدراك الخصائص الصوتية في حكاية المعنى شيء يكاد يكون فطرياً مركوزاً في الطباع ، حتى ليبدو ذلك عند الأطفال ، فتجد الطفل يعبر عن الشيء الذي يعجبه بلفظ حسن رقيق و يعبر عن الشيء الذي لا يعجبه بلفظ خشن.

وها أنت ذا ترى شعرنا العربي القديم ذا توقيع موسيقي ووحدة في النظم، تشد من أزر المعنى وتجعله ينفذ إلى القلوب سارياً سريان الماء في العود الأخضر ، وهو ينفذ إلى قلوب سامعيه ومنشديه ، وتوحي كلماته بما لا يستطيع القول شرحه.

وقد تمثلت الصياغة الموسيقية في القصيدة العربية القديمة في بحورها وقوافيها التي وصلت إلينا ناضجة ، هذا وإنك لتلمس الإيقاع في وحدة النغمة التي لا تتكرر في الكلام أو في البيت ، وذلك بتوالي الحركات والسكنات على نحو منتظم في أبيات القصيدة.. كما أن الإيقاع تمثله التفعيلة في البحر ، ومن مجموع التفعيلات في البيت والوزن يتأليف البيت الشعري الذي هو الوحدة الموسيقية للقصيدة العربية.

وإذا كان الشكل التقليدي للقصيدة يحتفل بموسيقية البيت الواحد من القصيدة على حدة قائمة بذاتها في البيت ، إلا أننا نلمس التلاؤم في التعبير الصوتي والموسيقي في القصيدة بين اللفظ والمعنى ، وهذه الموسيقى سارية ومؤثرة في الصورة الأدبية في القصيدة على وجه الشمول ، وتعتبر هذه الموسيقى أنا مصورة للمشاعر تصويراً حاكياً مبهماً ، ومدلول هذا التأثير الموسيقي يبين نوع المشاعر واتجاهها قوة وضعفاً ورقة وليناً. والموسيقى في الشعر العربي التقليدي تسمى : الموسيقى (الخارجية) ، وهي ذلك النغم الذي يجلبه الوزن الشعري في اللحن العروضي ، والذي يضفي على الصورة الشعرية جمالاً يحدث في القارىء نشوة وطرباً و يزيد المشاعر حركة ونمواً.

ونصل إلى النموذج المتمم للنماذج المختارة لبناء القصيفة العربية وقد عرفت بأنها مختارة من عصور مختلفة ، وبما أن هدفنا الأساسي إنما هو التعرف على بناء القصيدة العربية وليس الشرح والتحليل لهذه النماذج، وسبق أن المحنا أن الأحداث والمستجدات دائمة التحول والتجدد وطابعها يختلف من عصر الآخر ومن بيئة لأخرى ، ومن هذه المتغيرات يستلهم الشاعر أغراضه وأهدافه حسب المستجدات المحيطة به والبيئة التي يعيش فيها هذا فيما يخص الأغراض والأهداف التي هي : موضوع القصيدة الشعرية ، غير أن البناء للقصيدة ظل موصولاً بتقاليد أدبية الفنية القصيدة القديمة.

وعلى ضوء الأحداث المتجددة نرى الزبيري يستلهم قضية شعبه التي عاش لها في الداخل والخارج عيشة البؤس والحرمان والتشريد ، وذلك في سبيل إنقاذ شعبه من التخلف المميت ، ومن حسن حظه لم يقض نحبه - رحمه الله - إلا وقد حقق الله هدفه.

ومن المعلوم لدى الشعب اليمني أن هذه الصيحة من الزبيري كانت الأغنية المحببة لدى أبناء الشعب فلقد حفظها العوام قبل المتعلمين.  

وتغنى بها رعاة الأغنام على قسم الجبال لأنها تحمل في طياتها آمالهم العريضة.

نأتي إلى آخر نموذج شعري يمثل القصيدة العربية ونتبين بناءه الزبيري يعتبر من الشعراء المحافظين ومنسوب إلى المدرسة الكلاسيكية وموقع شعره في اليمن يقرب موقع شعر البارودي في مصر من حيث القوة والخصوبة والمحافظة وإذا ما نظرنا إلى بناء هذا النص الشعري سنجد ما يلي :

١- استهل الشاعر قصيدته بنداء القلم ، ومن المعلوم أن القلم وسيلة أزلية لتسجيل الأحداث والعلوم والمعارف ، وعلى هذا فالاستهلال من صلب الموضوع الموحد.

٢- الوحدة الموضوعية محققة بهذا النموذج لعدم تعدد الأغراض.

٣- الالتزام بالوزن الواحد والقافية الواحدة.

٤- موسيقى النص قوية صاخبة استمدت قوتها من قوة الألفاظ. وهذا أسلوب كلاسيكي.

٥- تفرد هذا النموذج بالوحدة الموضوعية. وساير القصيدة العربية ببقية عناصر البناء الموروث.

نحب أن نتبه إلى قضية قد يفهم منها بأن الشعر العربي كان في غيبة عن قضايا مجتمعه ، هذه القضية هي : دعوى النقد الحديث بأن الشعر القديم وما أعقبه من شعر قد درج على بناء القصيدة على الجمع بين عدة أغراض ، وحصر الأغراض في : الغزل ، والنسيب ، والوصف والمديح ، والحكمة

وخشية أن يفهم من أن هذه الأغراض قد احتكرت الشعر والشاعر ولم يعد للأغراض حياة الأمة حاجة واكتفت من الشعر بتلك الأغراض السالفة الذكر لا بعد أن تدعم عن الشعر الذي أعقب الشعر الجاهلي تلك النظرة العجلى. فمثلاً عندما جاء الإسلام أحدث انقلاباً روحياً ، واجتماعياً في حياة العرب فقد كان شعراء المسلمين يصدون عن ا الإسلام في شعرهم وقد اتخذ منه الرسول. صلى الله عليه و وسلم عونا في كفاحه لقريش وغيرها من العرب. فكان الأبطال يناضلون و يذودون بقصائدهم وأبياتهم، وكان هذا الشعر أوقع على أعداء الإسلام من السهام المراشة.

وعندما فتحت الفتوح وتوسعت في الأمصار ظهرت معها النزعات والنظريات ، وتعارك أصحاب هذه النظريات والنزعات، ومع كل فريق من يناصره من الشعراء، وعلى هذا ظهر الشعر السياسي. يقول الدكتور شوقي ضيف : ( ومنذ الفتوح الإسلامية والحروب مشتعلة بيننا و بين الأجانب ففي كل زمن ميدان : تارة في أقصى الشرق في خراسان ، وتارة مع الروم أو مع الصليبين ، وتارة مع الإسبان في أقصى الغرب وفي كل ميدان يلمع غير شاعر يكافح الأجانب بشعره وقصيده.

فالشعر العربي مع تمسكه الشديد بالتقاليد لم ينسحب ولم يهرب من الحياة بل كان يرافقها في السلم والحرب ، وكان الشاعر يرى من واجبه أن يشارك في أحداث مجتمعه ، وبمرور الأعصر وتكاثر الأحداث والمتغيرات وما استجد على الحياة وخصوصاً في العصر الحديث كان للشعر مواقف محمودة.

2 إجابة

0 تصويتات
بواسطة (1.8مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
هل تم التجديد في بناء القصيدة في العصر القديم؟
0 تصويتات
بواسطة (1.8مليون نقاط)
التجديد في بناء القصيدة العربية الحديثة:

شهد الشعر العربي الحديث مرحلتين أساسيتين في تطوره وتجدده كانت الأولى تمتد من مطلع النهضة الأدبية الحديثة وحتى الأربعينات من هذا القرن وتجلت فعاليتها في العشرينات وما بعده الله بشكل بارز في الوطن العربي الكبير ، أو في المهاجر التي عرفت عدداً من الأدباء والشعراء العرب : فى أمريكا الشمالية وبلاد أمريكا الجنوبية.

نلاحظ أن دعوة التجديد الشعري في هذه المرحلة الأول ذهبت إلى إحياء مضمون الشعر، وسعت الميتصل بالحياة الجديدة لأن الأدب يتطلع إلى جمهور المتلقين و يغني وجدالهم وفكرهم ، وليكون أداة بناء خيرة في المجتمع وفي سبيل تحصينه بالحرية والاستقلال وتنشيطه بالتعاون بين الإخوة من أبنائه.

لو تقتصر رغيبة التجديد على أغراض الشعر وتجاربه الشعورية بل إنها استفادت من بناء. القصيدة القديمة وإمكاناتها ، فاتبعت بحور الشعر وقوافيه وقامت بتجارب تماثل الموشحات أي أن الشاعر كان ينوع توزيع التفعيلات وقوافي أقسام الموشح ، كما أن شعراء أتوا بالبحور الخفيفة أو جزوه انها مما خدم المواقف التي عايشوها وتحدث عنها هؤلاء الشعراء (أحمد شوقي ، عمر أبوريشة ابرهيم ناجي ، علي محمود طه وأبو القاسم الشابي ، بدوي الجبل ، الزبيري ، وبعض مما قدم البردوني ). ظل الشعر الحديث - رغم التجديد الذي لونه - قريباً من الأفهام والأذواق لأن هؤلاء الشعراء حافظوا على مسافة غير بعيد عن الثقافة العربية ، وكذلك بقيت لغتهم في درجة عالية من وضوح دلالاتها ، سواء ما اتصل بالقديم أو الحديث من صورة الحياة وافكار الناس وانفعالاتهم.

أما المرحلة الثانية من تطور الشعر العربي فقد بدأت مع نهاية الأربعينات واتسعت في الخمسينات وما وراءها وهي مستمرة مصحوبة بإضافات جديد أو بعودة أكثر إلى الطابع الإحيائي ، وكانت البداية في العراق ، وعدد من أصحاب التجارب الشعرية (نازك الملائكة ، بدر شاكر السياب وانداحت بعد ذلك في سائر الأقطار ) نزار قباني ، ثم فايز خضور وخالد محيي الدين البردعي في سورية وصلاح عبد الصبور وأحمد عبد المعطي حجازي ، وأمل دنقل ، ومحمد إبراهيم أبوسنة في مصر ، ومحمد الفيتوري في السودان ، وعبد العزيز المقالح ، والبردوني في اليمن ومحمود درويش ، وسميع القاسم ، ومعين بسيسو ، و يوسف الخطيب من شعراء فلسطين).

اتسمت هذه المرحلة بتغيرات شكلية كبيرة وبتطور في البناء اللغوي والتصويري وكذلك في المضمون والثقافة والتطلع اللذين خالطهما هؤلاء الشعراء ، فكانت التفعيلية وتوزيعها على السطور أهم تجديد شكلي ولم نعد نرى في القصيدة الجديدة (المسماة بالحرة أو قصيدة التفعيلة) الأبيات والأشطار والقوافي الواحدة ، وإنما السطور وعدد متغير غير ثابت من تفعيلات البحور، وكذلك كانت النهايات متعددة لتلك السطور.

وفي طرف آخر غنيت الصورة في الشعر بأنماطها القديمة والمستمرة : التشبيه ، والاستعارة ، والكناية ، والمجاز المرسل ، وبأنماطها المجددة وهي الرمزية - والتداخل بين الاستعارة والرمز. الي ناحية دلالات الألفاظ نجد أن هناك تنوعاً كبيراً وأخذت صعوبات تقف أمام القراء عندما لكثر المصطلحات والكلمات الغريبة ، خاصة عندما تتداخل مع الصور ذات الأسلوب الجديد ، وهناك بعض الشعراء أغرب في تركيب الجمل، على نحو متأثر بالجملة المترجمة أو الأجنبية.

وبصورة عامة فإن الشعر (الحر) الجديد قد تفاوت في وضوحه وقربه من الناس الذين اعتادوا قراءة الشعر والمتابعة الثقافية.

وتفاوت الشعراء في نجاحهم أو إخفاقهم في توصيل التجارب الشعورية إلي الجمهور ، وكان وراء ذلك القرب من الأصالة الشعرية العربية أو البعد عنها ، والنقل غير المثقف لبعض من معطيات الثقافة الأجنبية - فمن حافظ على الثراث والبناء اللغوي وتزود بما يفيد من الثقافة الإنسانية فقد أعطى نتاجاً فيه الوضوح والفائدة وقبله الناس وتداولوه ، وأما الآخرون الذين لم يفلحوا في التمكن من أصول الأدب العربي وأسرفوا في تقليد الآداب الأجنبية فقد ظلوا في بعد عن ذوق الجمهور العربي.

تذكر في هذا المقام أن المحاولات الحديث لتجديد موسيقى الشعر في توزيع حر لتفعيلات من البحور العروضية عرفت قبل السياب وزملائه من أصحاب الموجة الجديدة ذلك أن عدداً من الشعراء جربوا أنماطاً لتستطيع الوفاء بمقتضيات المجال الذي يدورون فيه كما صنع علي أحمد با كثير في مسرحية ترجمها عن الإنكليزية.

يبقى أمر له أهميته وهو أن الشعر العربي لا يزال يقدم التجارب وتتواصل قصائده سواء ب القصيدة القديمة أو تلك الحديث ، وهنا يظل الباب مفتوحاً لنتاج الشعراء ، ومن كان قادراً على صوغ تجار به بالبحور ، حيث نرى الأبيات والموسيقى كما نعهد في الشعر القديم فهو بحسب ينظم ما لديه وآخرون ندير الحوار معهم فما داموا من هذه الأزمنة الحديثة فلهم أن يعملوا على إبراز الصورة العصرية لكن من غير إهمال للأصول لغة وتصوراً وفكراً. أما عن وظيفة الخصائص الفنية الحديثة للقصيدة العربية فهي قادرة على حمل التجارب المعاصرة والتأثير في نفوس الجمهور، وهي تستطيع ذلك لأنها - في نظر بعضهم - تملك الحركة بين الأفكار والانفعالات في إطار الثقافة المعاصرة والمعايشة للجديد في الحياة.

ويحاول أصحاب الشعر الجديد (التفعيلة) تسويغ ما يضاف من غرابة من البعد الكبير عن المألوف ، فهم يقولون إن هذه القصائد تتطلب جهداً ورغبة في التفسير لما يقع من غموض ورمون، وكذلك تحتاج إلى أناة وتهيئة لتقبل الموسيقى الجديدة ونحن نقول إن الشاعر لا بد له من الموازن بين القدرة على التوصيل والرغبة في تحمل الشعر الآمال والهموم الإنسانية والاجتماعية.

اسئلة متعلقة

1 إجابة
مرحبًا بك إلى منصة انهض، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...